top of page

الملك والشعب… عقد البيعة أقوى من حملات التضليل


بقلم: هشام القادي


لم يكن مستغرباً أن تُسقط جريدة لوموند الفرنسية ما تبقى من رصيدها المهني في هفوة غير محسوبة، وهي تضع نفسها في صف الأصوات الحاقدة على المغرب، بنشرها مقالا مطولاً تحت عنوان: “أجواء نهاية فترة محمد السادس”، لم يحمل في طياته سوى اجترار لمزاعم باهتة ومعلومات مستهلكة كتبها من قبل صحفيون معروفون بعدائهم المزمن لكل ما هو مغربي.


لقد أخطأت لوموند حين اعتقدت أن بإمكانها اختزال مكانة ملك المغرب في سطور مشوشة أو تحليلات سطحية. ذلك أن جلالة الملك محمد السادس، أيده الله، ليس مجرد رئيس دولة تُقاس قيمته ببلاغات بروتوكولية، بل هو أمير المؤمنين، رمز الوحدة الوطنية، وحامي بيعة تاريخية عمرها قرون. إن مكانته في نفوس المغاربة لا تُقاس بالتحليلات الباردة، بل بحقيقة راسخة: المغاربة ملكيون بالفطرة، والملك في قلوبهم قبل أن يكون على عرشهم.


لقد برز الملك محمد السادس قائداً ملهماً في أصعب اللحظات: من جائحة كورونا، إلى زلزال الحوز، إلى القضايا المصيرية للوطن. لم تمنعه الظروف الصحية ولا السفرات الرسمية من مواصلة القيام بمهامه الدستورية والإنسانية. المغاربة رأوا فيه ملكاً حاضراً بينهم، قريباً منهم، يتابع قضاياهم ويقود إصلاحاتهم، وهذا ما يشكل الفارق بين ملك المغرب وزعماء آخرين ظلوا سجناء القصور أو رهائن ضعفهم.


إن محاولة لوموند التشكيك في رمزية المؤسسة الملكية ليست سوى تكرار بائس لما فشلت فيه أقلام أخرى، وهي بذلك تكشف عن ازدواجية فاضحة: فقد دافعت الصحافة الفرنسية لعقود عن رؤسائها المرضى، من ميتران إلى شيراك، واعتبرت الحديث عن مرضهم تجاوزاً للخطوط الحمراء، بينما تسمح لنفسها اليوم بالتطاول على ملك يحظى بمحبة شعبه واحترام العالم.


لقد أراد المقال أن يصوّر المرض كعجز، لكنه نسي أن أعظم قادة التاريخ عانوا من أمراض مزمنة دون أن يمنعهم ذلك من تغيير مجرى العالم. روزفلت قاد الحرب العالمية على كرسي متحرك، وتشرشل واجه النازية تحت وطأة العلل، وسلاطين المغرب دافعوا عن الوطن حتى آخر رمق. إن العلة لم تكن يوماً سبباً للتراجع عن المسؤولية، بل امتحاناً يكشف معدن الرجال.


لهذا، نقول لـلوموند: إنكم أخطأتم التقدير، فالمغاربة لا يستمدون طمأنينتهم من مقالاتكم، بل من عقد البيعة، من وحدة الوطن، ومن ثقتهم العميقة في ملكهم. أما أنتم، فقد فقدتم ما تبقى من مصداقيتكم حين ارتضيتم أن تتحولوا إلى صدى لأقلام مأزومة، بدل أن تكونوا صحيفة رصينة تلتزم بالموضوعية.


ختاماً، لعل ما غاب عنكم أن المغرب ليس بلداً هشاً حتى تهزه عناوين مضللة، بل هو أمة راسخة، لها ملكها وشعبها، ولها تاريخها الممتد في جذور الأرض. وإذا كان لكم أن تتعلموا درساً من هذه الهفوة، فهو أن الملوك الكبار لا تُقاس عظمتهم بسطوركم، بل بقلوب شعوبهم، وفي قلب كل مغربي محمد السادس تاج على الرأس، ورمز في الضمير.



*هشام القادي

 
 
 

Comments


bottom of page